وهم الصداقة

الصداقة مسمى عظيم لا ينبغي ان تطلقه على كل من هب و ب و تعتبره صديقاً. الانسان كائن اجتماعي يحتاج الأصدقاء، لكن عليه أن يكون مكتفي بذاته بحيث أن مجيء الأصدقاء يكون جيدا وذهابهم لا يضر، فكن واعيا في اختيارهم ولا تنخرط في علاقات تحت ذريعة التسميات الضخمة  العلاقات المقدسة، فليس الجميع يصلحون كصديق.

هناك معتقدات لا تخدمك تخلص منها لتختار الصديق:

١-اختر صديقك بحكمة وعين مفتوحة ولا تصادق من هم دون مبادئك  مستواك العقلي والديني والاخلاقي، ولا تقل لا اتأثر بهم، فمهما كنت صاحب مبدأ تذكر ستبقى واقفاً في نفس السلّم عند مستواك الادنى وتنشغل بهم وتهدر الوقت ولا تتقدم الى الامام ابداً طالما محاط بهم، فقال من لا ينطق عن الهوى “الرجل على دين خليله فلينظر احدكم من يخلل.” والامر الثاني ان سمعت تتأثر وهذا اغلى ما تملك فحتى لا يهوى بك الحال يوما تقول “لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا”، فلا تقل لا يهم الاختلافات المهم الانسجام.

٢-لا تقبل انتهاك حقوقك والتجاوز  عليك او التنمر باسم المزاح تحت سقف الصداقة فهذا يؤثر عليك في اللاوعي ويتبنى فيك شخص مهزوز الثقة في نفسه او لا يعرف حقيقة نفسه، ولا تخشى وتخجل من الرفض وقل لا، ولا تتحمل اكثر من طاقتك وتسكت وترفض ان تعبر عن استيائك ولا تتنازل عن حقك فالغلطة الكبرى في الحياة هي محاولة ارضاء الآخرين والخشية من جرحهم على حساب نفسيتك فلا تقل لا حدود في الصداقة.

٣-لا تقبل ان تكون في علاقة صداقة يظهر لك ويأتيك فقط وقت حزنه لتطبطب عليه ويستقوى بك وما ان تحل مشكلته يختفي ولا يعرفك وقت الرخاء وسعادته فهو يتغذى على طاقتك ويسلبك سلامك وايجابك وما ان يشبع يتركك ويعود حين يحتاجك هؤلاء يقتربون منك لأسباب ناقصة فيهم من طفولتهم كعقد الاحتياج والنقص والاحتواء فالشخص الذي يتغذى على طاقتك انسفه بعيداً لأنه سيؤدي بك لعلاقه سامة ولا تخرج منه الا مسموما.  فلا تنخدع بوهم الصداقة هذا  المعتقد الموهوم ان الصداقة الحقيقية وقت الشدة، فمثلما الشدة مهمة، الرخاء ايضا مهم، لكن هذا ما علموك عليه وتبنيته في عقلك فلا تقل الصديق وقت الضيق فقط

٤-لا تصادق السلبي والنرجسي حتى لو كان وفياً معك، لأنه يقتل روح الحياة في كل شيء ويطفئ حماسك ويبدد عزيمتك ويجعلك مترددا في كل خطوة ويخيفك من التغير ويشير بك دوماً للجانب السيء من الامور ويفقدك شغفك ويرون انفسهم ضحية العالم اجمع ويشككونك بنفسك وينتهكون حقوقك بحجة احبك واريد مصلحتك فهم اشخاص غير سويين نفسيا لا تسمح لهم في التواجد في دائرتك وبث سمومهم عليك بل يجب ان يكون العطاء متبادلا ويزيدك بهجة واستمتاعا وشموخا وطمأنينة وشجاعة وثقة وحكمة ودعم ومساعد لتطورك ويذكرك بقوتك واحلامك، فلا تقل بل الصداقة احتواء انت لست معالجاً وملجئً.

٥-لا تصادق من يكدر عليك حياتك فليسوا بأصدقاء من لا يعترفون بالخطأ وليسوا بأصدقاء  من يتكبرون على الاعتذار وليسوا بأصدقاء من نحتاج إلى أن نودهم حتى يودونا، من يستغل لطفك لا يستحقك .فلا تقل هذه رسميات لا داعي لها بين الأصدقاء.

٦-الصداقة اخذ وعطاء وليس فقط عطاء او اخذ، هذا خطأ ويخل بتوازنك فالحياة قائمة على التوازن والا سيتبدد مخزون طاقتك فلا تقبل بهذا وتبرر باسم العشرة الطويلة، فالتعاون والتبادل احدى اسس الصداقة، واعلم انها لا تسمى صداقه ان كنت تكلف روحك وتمثل وتظهر بغير حقيقتك فلا تقل اعط فقط ولا تأخذ لان طاقتك تستنزف آجلاً وتنفجر في غير محله.

٧-لا تنخدع بالأقوال والوعود والتعابير عن حبهم المطلق الابدي، وانا لا اقصد انه كذب لكن تأكد ان المشاعر متقلبة وتتغير والوعود لحظية وما ان تحل المشكلة سترى كيف الوعود تتبدد والمشاعر تتحول لنقيضها فهي كسهم البورصة تارة عالي وتارة منخفض، فالفعل هو الاساس وليس الذي يستفحل ويعرض عضلات لسانه بالكلام.

٨-الصداقه ليست في وقت الرخاء فقط والأنس، ان لم تلقى صاحبك وقت شدتك ليشاطرك الوجع فاعلم انه لا يفلح ان يسمى صديقا وانما زميل وما اكثر الزملاء حولنا ففرق بينهم.

٩-الصديق هو الذي يرافقك الطريق لتصل، يصفق لنجاحك ويأخذ بيدك ليرفعك عند سقوطك وعثرتك، والا انتبه للحاسد والغيور لأنه يسلبك النعمة او يفعل خبثا ويفقدك نعمتك فلا تأمنه ابداً فلا تقل لا اعترف بالحسد فالغيرة ليست مجرد شعور بل يتبعه فعل خبيث.

١٠-سامح واعط فرصة مرة وممكن مرتين لكن ان عدته للثالثة فهذا غباء منك فلا تلومن الا نفسك لان الصديق الحقيقي يعرف ما يغيظك ويغضبك يتجنبه ويتقبلك، فلا تقل اسامح دائماً فلا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين، لأن السماح تحرر للشعور السلبي ولا يعني عودة العلاقة دائماً.

١١-لا ترفع سقف توقعاتك عاليا في صديقك وتضع فيه آمالك وتحمل نفسك اوجاع من توقعات وافتراضات ومسؤوليات ليست فيهم وليست مسؤوليتهم لأنك تصاب بالخيبة ولا تسيء الظن بهم لكن لا تثق ثقة عمياء كي تحافظ على مساحة أمان فأكتفي بنفسك وكن لنفسك الصديق الذي تبحث عنه ولا تقل الصديق سند. هذا ليس يأس واحباط بل وعي واستغناء بالله.

الخلاصة:

 عش بوعي وانتقي صديقك بوعي وليس بسذاجة لان وقع ألمه اشد على القلب من البعيد وإلا فلا، لأن هناك اشخاص رسالتهم في الحياة تتطلب ان يكونوا بلا اصدقاء لان طاقتهم تستنزف لو اختلطوا وافكارهم المبدعة تتأثر بسلبية الآخر.

اختلط بالناس واكسب علاقات اجتماعية ورافق الجميع لكن لا تسحب لخانة الاصدقاء الا من يتوفر فيه هذه الصفات وحينها اقول هنيئاً حيّزت لك الدنيا لان الصاحب ساحب فأختر من يستحق ان تستثمر طاقتك فيه.

 

 

 (*)خريجة كلية الصيدلة

جامعة تيشك الدولية – أربيل

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *